أجرته/عبير على المحجوب.
صالحة النعاجي.
العنف ضد المرأة بين مرارة البوح وغصة الكتمان.
للعنف قصص متسلسلة تبدأ بصرخة وتصل إلى مرحلة الإيذاء الجسدي والنفسي واحياناً تنتهي بكارثة مروعة تصل إلى حد ارتكاب الجرائم البشعة. كان من الملفات “المسكوت عنه” وضمن دائرة الكتمان واليوم أصبحت القصص المتوالية التي نجدها عبر صفحات التواصل الاجتماعي (السوشل ميديا) أو تتناولها القنوات الفضائية كمادة إعلامية.
لم تكن هذه المرة الأولى لفتحنا هذا الملف، فكم هي المرات التي نجد فيها سيدات يتحدثن بمرارة بغصات متوالية وكم هي القصص العابرة عن جرائم تجعلنا نقف لنكشف ما يحدث ولماذا هذا التزايد الرهيب داخل مجتمع محافظ، حيث انه من المفترض أن تعاليمنا الدينية ترفض كل هذه الاخلاقيات المسربة تحت قيم بعض التقاليد والعادات البالية.
في كل بوح من أصحاب القصص كانت قلوبنا تنفطر، في كل أعترف كنا نقاوم آلم أصحابها التي تتسرب لنا بوجع “المسكوت عنه”، ومن خلال تحقيقنا وجدنا أسراب الأمل التي تضفي البهجة وتحاول لملمة الجراح، من مؤسسات المجتمع المدني، وجهات أخرى تعمل في صمت.
ملف العنف ليس البداية فهو من أكثر الملفات الشائكة التي تطال مجتمعنا الليبي ويسجل إنذارات ومؤشرات الخطر حيث تصل ذروتها.
من رسالتنا كصحفيين حاولنا أن يكون لنا دور كمجلة تهتم بفتح ملف حساس حيث أن شعارنا (مجلة بيتهوم مجلة مستقبل البيت الليبي).
فكانت البداية مع مُعنفات يروين قصصهنّ ونأسف لعدم ذكر الأسماء بناء على رغبة أصحباهن.
بدايةً…تروي المواطنة (ف. م) البالغة من العمر 23 سنة قصتها مع العنف، أخرجها أهلها من المدرسة وزوجوها رغماً عنها عن عمر يناهز 16سنة، فلم تملك حق الاختيار وحق إكمال دراستها، الآن لديها طفلان ذكر وأنثى… ولكن ومع الأسف لاقت اسوأ المعاملة من قبل زوجها.
فتعرضت للضرب والاهانة والشتائم والإهمال… هي وأطفالها، الآن تجلس وحيدة في بيتها مع أطفالها وزوجها يسكن مع زوجته الأولى، لا يؤمّن لهم متطلبات الحياة ومصاريفها، حيث تجلس حائره مكتوفة الأيدي مغلوب على أمرها لا تعرف ماذا تفعل، فهي الآن عاجزة عن توفير احتياجاتها واحتياجات طفليها نظراً لعدم توفر مؤهل علمي يدعمها ضد أزمات الحياة، و لا عائلة تأخذ بيدها وتكفر عما اقترفته ايديهم من دمار نفسي وعملي واجتماعي.
وفي أحد البيوت الصامتة تقبع (ر.ع) 45 سنة أم لستة بنات تتراوح أعمارهن بين السادسة والثامنة عشر، تعيش هذه السيدة مرارة المعاملة السيئة، والضرب، والشتم، والاهانة، من زوجها وأهل زوجها والسبب أنها أم البنات. وتقول (ر. ع) أنها تعاني من ذنب لا يد لها فيه وأنها حاولت مراراً وتكراراً ان تطلب الطلاق ولكنها لم تجد من يدعمها من اسرتها ويأخذ بيدها فالأم متوفاة والأب متزوج من أخرى، والأخوة كلاً يتنصل من مسؤوليته اتجاهها لتبقى سجينة جهل زوجها وظلم أهلها وتخليهم عنها وتهديد الزوج المتواصل بالزواج عليها.
بين مرارة البوح والاستمرار لمقاومة الحياة سردت السيدة (ف..) قصتها والتي أرسلتها عبر الرسائل الصوتية ورفضت ذكر اسمها، ولكنها تكلمت بكل شجاعة وأصبحت اليوم من النساء التي تبني المجتمع ويعوّل عليها واجتازت الأزمة بكل قوة حيث قالت:
كنا نتعرض أنا وأبنائي لاشد أنواع التعنيف النفسي المجبورين أن نعيش داخل اسواره فقد كنا خارج ليبيا وزوجي مدمن (علاقات جنسية) محرمة ولا يهتم بمشاعري كزوجة.
توقعت أن الموضوع محصور بيني وبينه وكنت أخاف من الطلاق بحكم صغر سني، مما سبب لي ضغوطات وخلل نفسي، لكن اكتشفت بعد سنوات أن ابنتي الكبرى تعلم بما يفعله والدها.
كنت آمرها ببره، وأحاول التقريب بينهما، كانت ترفض وفى أحد المرات أنفجر البركان بداخلها وأخبرتني بأنها تعلم ما يفعل منذ زمن فعندما كانت بعمر الخمس سنوات كان يأخذها إلى الحديقة ويمارس أفعاله الشاذة مع الآخرين، وهو لا يعلم بأنها طفلة وسوف ترسخ هذه الأشياء في ذاكرتها.
هنا فكرت ألف مرة في الطلاق ولم أفكر في شيء هذه المرة سوى أبنائي، وتحول ضعفي إلى قوة أصبحت كمحاربة قوية من أجل حياة آمنة وفعلاً طلبت الطلاق وكنا جميعاً في داخلنا شرخ كبير ومجموعة من الذكريات المفجعة مع رجل المفترض أن يكون بر الأمان وسور الحماية لعائلته ولكن كان سبب دمار شامل ناهيك عن تلك اللحظات المؤلمة من ضرب وصراخ وصور بشعة لأفعاله المشينة.
طبعاً أنا مؤمنة بالعلاج النفسي، لكن أين تجد الخبراء النفسيين الذين يتعاملون معك بكتمان دون فضائح هذا ابني وابنتي بحاجتي أصبحت إنسانة قوية عالجت نفسي بالاتجاه إلى تقويم وإدارة الأعمال، وأفكار استثمارية دون الوقف عند نقطة معينة اجتزت ازمتي بقوة ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هل كل النساء تملك القوة دون انكسار؟
أما المحامية فتحية على إبراهيم كان لها رأى خاص.
موضوع جميل جداً .. بالرغم من الانفتاح والتطور الثقافي والفكري لكن الأمهات يمارسن العنف على أطفالهن، وذلك عندما تدرس الأم اطفالها في البيت فتقوم بالصراخ والشتم والصفع واستخدام وسائل ضرب متعددة ومنها الضرب ب(الشبشب).
طريقة كل أم في تحفيظ أبنائها حيث تجدي 90% منهن يتلفظن على أطفالهم للأسف بألفاظ جارحة.
والتقينا مدربة حياة/ فاطمة بن ناصر.
بالنسبة للعنف ضد المرأة من وجهة نظري، هي التي سمحت بهذا، أنت تتسألين كيف؟
لأنها هي التي تعيش دور الضحية ودور الضحية سيجلب لحياتها شخص أخر (عكسها) هو الجلاد.
من وجهة نظري أسواء أنواع العنف، هو العنف النفسي وهو أقوى من العنف الجسدي، فالجسدي سيظهر آثاره وسيختفي مع مرور الوقت، أما النفسي من المستحيل أن ينسى.
طبعاً بحكم عملي في الاستشارات مررت بكم استشارة تعرضت لعنف جسدي مع الأسف، وكانت نصيحتي لهن أن يتوقفن ويدافعن عن أنفسهن ويخرجن من دور الضحية، فسبحان الله أول ما يخرج الإنسان من دور الضحية، ويصبح مسؤول علي كل شيء في حياته، من الصح، والخطأ، سيختفى الجلادين من حياته.
قد يكون هذا الكلام صادم لبعض الناس، الذين ليس لديهم خلفية عن وعي، ولكن مع الأسف كل الحياة قرارين.
والإنسان حر في اختيار القرار الذي يناسبه، أن يكون مهان طول حياته؟
أو يختار أن يقف للدفاع عن نفسه؟
طبعاً أنا شخصياً أتضايق من أي شخص يتلفظ على أي طفل، ويتغير شكلي أمام أي أم تتلفظ بألفاظ غريبة عجيبة لطفلها، والمشكلة أن الطفل أصبح فاقد الإحساس ويستقبل ويمارس هذا العنف على غيره من الأطفال .. القصص طويلة ولكن هنالك مجموعات (القروبات) يفيدونك أكثر مثل (قروب) (ماميز) و(قروب) مناهج، وفيهم ستجد امهات تعاني من هذه المشكلة حيث ستجدي من منهن مقتنعات بأن لديها هذه المشكلة كأسلوب حياة و تعامل مع الطفل، ويعتقد بأنها نوع من أنواع التربية، وأن يظهر للناس كشخصية جميلة، رغم أن الثورة الليبية و (ثوارانا المتشرتعين) أثبتوا أنهم نتاج عنف أسري كئيب واننا نحن مازلنا نعاني من تصرفاتهم نتيجة تعامل أهاليهم فى فترات حياتهم المتعثرة.
الأستاذة والإعلامية/ مبروكة القحماصي.
العنف الأسري قد يكون عنف جسدي (ضرب أو صفع) أو عنف جنسي (الاعتداء الجنسي) أو عنف لفظي (التهديد) أو عنف عاطفي (عدم القدرة علي تلبيه احتياجاتهم الأساسية من اهتمام والسخرية منهم والتسلط وغياب التشجيع ) كل هذه الأنواع تؤدي إلي مشاكل كثيرة تنعكس علي شخصية الطفل، حيث يصل تأثيرها لدرجة أن يمارس الأطفال الذين تعرضوا للعنف الجسدي هذا الأذى علي اطفالهم عندما يصبحون آباء، وهذا معناه خطير جداً معناه استمرارية العنف وتناقله بين الأجيال ومن خلال تجربتي، جربت الهدوء وجربت العنف، فعلاً آثاره جسيمة فقد تبقين ايام وشهور بل وسنين لعلاج هذه الآثار.. مشاكل خوف، قلق، توتر، تهتهه عند بعض الأطفال، عدم ثقة في النفس، اللجوء للكذب في بعض الأحيان، تبول لا إرادي وغيرها كثير. وجهة نظري العنف مش من الأسرة فقط، فهنالك بعض المسلسلات التي تروج للعنف كمشاهد القتل والحروب وخاصة المسلسلات التركية اثرت علي واقعنا بعض المسلسلات تصوّر الابن يعتدي علي أمه وأبيه في مشهد عادي ويعتدي على الجار.
وتحدثنا الأستاذة والمهندسة سهيلة ابوجراد، قائلة: تفرض ظروف الحروب والصراعات المسلحة والعنف الاجتماعي، بيئة أمنية هشة تنشط فيها بقوة حالات العنف بأشكاله المختلفة والانتهاكات الجسدية والنفسية والمادية والتي دائما تنعكس على المرأة إذ هي من تدفع ثمن التهجير والنزوح وتبقى مشردة دون مأوى مهددة في كل لحظة لأي نوع من أنواع العنف سواء أسري أو مجتمعي وأيضاً الأطفال نفسياً لا يحتملون هذه الصراعات التي تؤثر سلباً عليهم ويخرجون أجيال غير سوية، محتاجة لدعم نفسي لن تعطي المجتمع شيئا بل تزيده عبء، لذلك يجب علينا التوجه لهم ودعمهم نفسياً.
صافيناز الباز مسؤولة ملف العنف ومقدمة خدمة دعم نفسي واجتماعي
بفريق الدعم النفس إجتماعي بإحدى مؤسسات المجتمع المدني.
قائلة: في الوقت التي تضخمت فيه الضغوطات النفسية لأسباب عدة أصبح كل أنواع العنف يمارس بأشكال مختلفة، ومن أكثر أنواع العنف انتشاراً هو العنف الأسري وله العديد من الأسباب، منها الحالة الاقتصادية، وعدم الوعي بالمحيط المجتمعي، عدم تنفيذ القانون، وأسباب أخرى، كل هذا له تأثيرات سلبية على الأسرة.
وفي السنوات الأخيرة إنتشار فايروس كورونا زاد من عمق هذا العنف بسبب الاحتكاك المباشر بين أفراد الأسرة لوجودهم لساعات طويلة داخل المنزل أصبح الأمر صعب في تقارب الأفكار والأفراد نتيجة للضغط العام الذي يسود البلاد.
حاولنا نحن كمؤسسة مجتمع مدني بالشراكة مع وزارة الشؤون الاجتماعية إنشاء خط ساخن مجاني يقدم العديد من الخدمات منها الاستشارات الأسرية، والاستشارات الاجتماعية، والاستشارات النفسية، والقانونية، ونظام الاحالة للجهات المختصة، وإدارة الحالة، ورأينا تجاوب كبير مع هذا الخط وخاصة في السنة الماضية 2021 حيث وصل عدد مكالمات لطلب الاستشارات إلى 1300 أسبوعياً وهذا العدد يعطي مؤشرات جيدة بالنسبة للاستفادة من الخدمات المقدمة عبر خط 1417.
كذلك لدينا قصص نجاح كثيرة تسرد لنا بعد تعافيهم من الضغوطات والاستفادة من خدماتنا، الأمر الذي يجعلنا نضع على عاتقنا مسؤولية تطوير خدماتنا والبحث في تقديم الأفضل من أجل الحد من انتشار العنف وخاصة العنف الأسري لما فيه من أضرار على الأشخاص والأسرة والمجتمع.
الأستاذة / فريدة بريش
تجيب قائلة: المرأة الليبية لها خصوصية وتختلف المرأة في المدن عنها في الريف فاغلب ما تتعرض له المرأة العنف الجسدي من قبل الزوج والاب والاخ ونادراً ما يقع من رجال غرباء، كما تتعرض للعنف المعنوي او اللفظي كالشتم واهانات من قبل الزوج.
اكثر مشاكل الطلاق عدم فهم الزوج لزوجته وعدم احترمه لها.
وهنالك العنف الاقتصادي الذي يقع على المرأة من قبل الزوج والأهل وكذلك في العمل بمصادرة المرتب من قبل الزوج والاب والاخ وهو ما يعتبر عنف اقتصادي وعدم المساوات في الاجر وخصوصاً في العمل الإضافي.
ويعتبر عنف اقتصادي واداري عدم إعطاء حقوق المراءة فيما يتعلق بالميراث من قبل الأخوة والاعمام والاخوال بما شرعه الله، هذا عنف والعنف الإداري يقع في ليبيا وبشدة على المرأة حيث نجد أن المرأة ذات خبرة علمية ودرجة علمية عالية لها قدرات قيادية عالية لا تمنح المنصب المناسب لها في المؤسسة التي تعمل بها وتعطى لرجل اقل منها خبرة ودرجة علمية لكونه رجل العنف الإداري التي تتعرض له المراءة سواء كان لفظي أو غيره من عدم تقدير لها أو عدم منحها حقوقها المالية وعدم العدالة في (الأوفر تايم) رغم انها تبدل أقصى جهدها وتأخذ مكافأة بسيطة عكس الرجل هذا يؤثر على انتاجيتها ونفسيتها وهذا واقع البعثات الدبلوماسية كذلك تمنح للرجل برغم قدرة المرأة في هذا المجال.
العنف ضد الطفل في ليبيا موجودة حالات لا بأس بها فهي غير معلن عنها تقابلت في زيارة للمستشفى طرابلس الطبي مع إخصائيات اخبروني بذلك وعادة ما ينفي الأهل ذلك لكي لا يتم معاقبتهم قانونياً، حيث اغلب الحالات، عبارة عن عنف لفظي وجسدي.
التمييز بين الأفراد سواء القبلية اوالوظيفية في ( المناصب) وكذلك ذوي الاحتياجات الخاصة يمارس عليهم نوع من الاضطهاد وعدم توفير احتياجاتهم إسوة بالأصحاء، منها عدم توفير مداخل وممرات خاصة بهم أمنة في المصارف والجهات العامة مما يسبب لهم نوع من الشعور بالنقص والتأثر النفسي وكذلك النظرة الدونية لهم.
اعطاء الحق للمرأة في البرلمان على مستوى ليبيا 16 % وهي نسبة غير منصفة.
وعن رأى السيدة م. فتحية سالم الدروقي صاحبة مركز السالم للتقوية والتعليم تضيف قائلة: العنف موضوع حساس ويمس كل الناس ومن دواعي سروري أن اضيف وجهة نظري في الموضوع حيث كان الموضوع مثار جدل داخلي كيف لأى امرأة او سيدة تستطيع تحمل الكلمة والنظرة والتصرف الجارح ولا تضعه تحت مسمى العنف وكل عنف جسدي بدأ بكلمة وكل عنف تتعرض له المرأة هو جزء رئيسي في الاستمرار بمسمياتها ووضع مسميات أخرى له.
وعن عنف المدارس انا اجد ان المعنف حيعنف يعنى كل معلمة تمارس العنف هي أصلا معنفة في بيتها وهي ردة فعل على الطلبة وهذه بالتجارب.
السيدة/ فرح بن عثمان سيدة أعمال ليبية.
اذا تكلمنا عن العنف ودور المنظمات نجد ان دوره غير فعال في المجتمع الليبي والمفترض ان يكون هنالك تكثيف لندوات ودورات لتفعيل دور المرأة خاصة بعد الحرب. ويمارس العنف على المرأة سوء اللفظي او الجسدي بالإضافة الى العنف الذى يمارس عليها عبر (السوشل ميديا).
وبالنسبة للطفل تلعب التربية دور كبير الذى يبدأ من البيت الى المدرسة.
فنحن كل يوم نجد كوراث وعن نفسي كمديرة مدرسة هناك العديد من الحكايات والقصص التي نحاول نعالجها من خلال زرع الثقة بيني وبين طلابي ففي كل فترة وأخرى أختار مجموعة من الطلاب واقوم بعزومتهم على الغذاء ونطرح نقاشات واسئلة وفضفضة حتى لا تكون هناك حواجز بيننا فالمدرسة هي البيت التاني للطلاب ونحاول علاج إي موضوع بالتواصل مع أولياء الأمور فالحقيقة يوجد العديد من قصص العنف اصبحت مخيفة ونحن نصنع جيل ونصّدر اخلاق والمفترض علاج إي مشكلة منذ البداية وهناك مشكلة أخرى حيث ان بعض المراكز النفسية لا تلتزم بالسرية وهذا ما يزيد من العزوف على المعنفين ويجب أخذ هذه النقطة بعين الاعتبار، نتمنى ان يفهم كل منا الأخر بالإضافة على الرجال المشاركة في ندوات العنف وادماجهم من اجل تسليط الضوء على العنف فهو في النهاية نتيجة بيئة معنفة غير سوية وهو ضحية تقاليد وعادات تفرض عليه ان يكون أداة للعنف وفى النهاية ينتج أبناء معنفين غير سويين.
وبخصوص الرأي النفسي كان لنا لقاء مع الأستاذة الإخصائية النفسية/عائشة عبد المجيد الشوشان.
العنف الاسري انواعه ومظاهره واثاره النفسية وسبل الوقاية منه.
إن العنف الأسري يعدّ مشكلة من أخطر المشاكل التي تواجه الأسرة حالياً، حيث يعود إلى فشل العلاقات الأسرية وانحلالها ويبدو ذلك واضحا في اضطراب العلاقة بين الزوجين واختلاف ثقافة وفكر وميول كل منهما على الآخر، ظاهرة العنف الاسري او المنزلي ذات مشكلة كبيرة وهيا ليست مشكلة عالميا وليست عربيا فقط ويعرف العنف بأنه الاساءة معاملة أحد افراد الاسرة لإفراد اخرين ،مثل الضرب أو اهانة أو تهديد احد الزوجين للأخر، او ضرب وإهانة وإساءة معاملة أحد الأبوين لأطفالهم ،وقد يكون تهديد الابناء لأباءهم.
انواعه:
- العنف الجسدي: كالإصابات البدنية الخطيرة مثل الاصابة بالكسور في العظام، وقد يصل الامر للوفاة .
- العنف النفسي أو المعنوي: ويشمل الاساءة اللفظية والاذلال المعنوي التنمر بكل أشكاله، ويشمل التحكم في سلوك الضحية وإجبارها علي فعل أشياء غير مرغوب بها ومنه الحرمان الزوجة من أبنائها وغيره.
- العنف الاقتصادي: الحرمان من الحقوق الاقتصادية فالبخل يعد شكلا من أشكال العنف تجاه الاسرة فعدم توفير احتياجات الاسرة وعدم تلبية احتياجاتها ومنع الزوجة مثلا من العمل لتوفير احتياجاتها واحتياجات الابناء.
- الترصد والملاحقة: هو محاولة التعدي علي الحرية والتقييد بشكل متكرر وتهديد الامن والسلامة من خلال التجسس علي المكالمات وارسال رسائل نصية ومكالمات تهديد.
اسباب العنف الاسري :-
- تتعدد الاسباب المؤثرة في تشكيل هذا الشكل من أشكال العنف ،وهذه الدوافع يجب الحذر منها واعتبارها مشكلة يجب معالجتها وعلاجها قبل أن تصبح كارثية لكل افراد الأسرة :
- تعاطي المخدرات أو ادمان الكحوليات وهو من أكبر الدوافع للعنف المنزلي.
- البطالة والفقر وانخفاض مستوي المعيشة وعدم القدرة علي تحمل أعباء الحياة.
- المستوي الثقافي والاجتماعي والبيئة الاجتماعية التي تربي عليها أحد الزوجين المبني علي تعزيز العنف كالضرب والاهانة ومحاولة فرض السيطرة.
- المرض العقلي أو النفسي وهي من أكثر العوامل التي يجب الحذر منها وخاصتا في حالات الزواج وعدم تلقي العلاج والتأهيل النفسي اللازم.
- الشعور بدونية وضعف التقدير الذاتي وخاصتا في حال التفاوت الثقافي والاجتماعي والتعليمي والمالي.
- الشك في سلوكيات وأخلاق الضحية حتي وإن كانت غير مبررة وليس لها أساس.
مراحل العنف ومظاهره :-
- مرحلة التوتر والهجوم اللفظي والإهانات وشتائم .
- مرحلة الانفجار والهجوم البدني.
- مرحلة الندم والقاء اللوم علي الضحية.
- مرحلة التأسف وعدم تكرار الأمر.
- ومن مظاهره الكدمات وجروح والكسور غير المبررة علي الجسم .،او اسقاط الحمل
- الانعزال الاجتماعي عن العائلة والاصدقاء ومبررات غير لتصرفات الاخرين الذين يقومون بإيذائهم.
- الخوف وعدم الارتياح الدائم.
الأثار النفسية للعنف الأسري علي الكبار والمراهقين:
الاصابات الجسدية للعنف المنزلي قد تذهب مع الزمن، لكن الإصابات النفسية اكثر شدة وضرر وهيا كالتالي:-
- الشعور والحزن والاكتئاب.
- اضطرابات ما بعد الصدمة وتكون مظاهره في الكوابيس واضطرابات النوم وسيطرة الافكار السيئة.
- المعاناة من توتر وقلق شديد ، وانعدام الثقة بالنفس .
- قد تسيطر الافكار الانتحارية مع يأس الضحية لتخلص من المعاناة .
- متلازمة (استوكولهم) وهيا التعلق المرضي بالجلاد وإيجاد مبررات له وحمايته.
الاثار النفسية المتعلقة بالأطفال: –
- وقد تكون الاثار المتعلقة بالأطفال في مظاهر نفسية مثل التبول اللارادي ومص الاصابع، والصراخ واضطرابات النوم ونوبات الهلع.
- يلقي بعض الاطفال اللوم علي أنفسهم علي مشاق امه، وفقدان الثقة والانعزال عن المشاركة في الانشطة وممارسته علي أقرانه والهروب من المدرسة وقد يلجا لإدمان المخدرات.
- وتشير الدراسات الي وجود علاقة بين تعرض الاطفال للعنف الاسري وبين حدوث اضطرابات السلوك العدواني، فالتربية القاسية التي تقهر الطفل وتعاقبه بدنيا تؤلمه نفسيا تنمي العدوان لديه كذلك ضعف التحصيل وعدم التركيز والانتباه واضطراب في النمو المعرفي وعيوب اللغة والكلام، وعادة ما يصعب عليهم التعبير عن مشاعرهم.
الاثار السلبية علي الأسرة والمجتمع:
تؤدي أجواء العنف السائدة في الاسرة والتي تكون معرضة لتفكك الاسري، سوآءا بالطلاق أو تعدد الزوجات، او فقدان أحد الوالدين لمدة طويلة، ما يؤدي إلي تلاشي إحساس الامان وتمزق الروابط العاطفية والاسرية بين أفراد الأسرة.
وهذا يدفع بالبعض الي التعبير عن الغيظ والكبت من خلال ممارسة العدوان علي أفراد الأسرة، وينتج عنه تهديد امن وسلامة المجتمع واستقراره وتوازنه وانتشار الامراض النفسية والاجتماعية فيه.
كيف نحد من العنف الاسري والوقاية منه؟
على المجتمع الاستجابة لمواجهة العنف المنزلي في عدة نقاط سوآءا من حيث الرعاية الصحية والنفسية والقانونية:
- فمن الناحية الصحية تقديم الرعاية الصحية اللازمة والعمل علي الحصول علي تقارير طبية لتوثيق هذه الحالة واستخدامها لإثبات الحالة.
- تقديم التوعية النفسية والقانونية لتقييم احتياجات الحالة وتوجيهها والعمل علي خطة سلامة لضمان سلامة الحالة وحمايتها من المخاطر وهيا ابنائها.
- تعديل السلوكيات السلبية للأطفال الذين تعرضوا للعنف او شاهدوه ألي سلوكيات إيجابية، بحيث تمكنهم من التحكم بموجات الغضب والمشاعر السلبية، ويحتاج ضحايا العنف الي الاندماج بشكل فاعل في المجتمع لتحقيق ذواتهم وتعزيز المهارات لتعليمية واللعب والمهارات الاجتماعية الملائمة لسنهم لتسهيل النمو السليم والنجاح في الانشطة المدرسية.
- تعزيز القوانين المتعلقة بالرعاية والمجتمع ولتحمي حقوق الاسرة والابناء المتعرضين للعنف وحمايتهم منه.
- التثقيف المبكر للزوجين قبل الزواج ومعرفة مفهوم الادوار داخل الاسرة والعمل على توعية المجتمع لتغيير النظرة السائدة تجاه العنف ضد الاطفال والذي يعتبر امر طبيعي.
- توعية المجتمع حول حقوق المرأة وأهميتها، وانه من غير المسموح أن تمارس عليها أفعال جائرة من العنف، وتعزيز المؤسسات الدينية لتعزيز مفاهيم التراحم والترابط الاسري وتقدير الاسرة والمجتمع.
أما عن الرأي القانوني افادتنا الأستاذة / هند الضاوي عضو هيئة التدريس بكلية القانون جامعة الزيتونة.
العنف العائلي الموجه ضد الأطفال.
يمثل العنف العائلي سلوكاً مرفوضاً ومجرماً في العديد من التشريعات، وذلك لما له من انعكاسات سلبية على كيان الاسرة وسلامة وأمن افرادها، ويعرف العنف الاسري بأنه الحاق الأذى بين افراد الاسرة الواحدة كعنف الزوج لزوجته، وعنف احد الوالدين او كلاهما اتجاه الأولاد، حيث يتمثل هذا الأذى الاعتداء الجسدي، أو النفسي او الجنسي او التهديد او الإهمال او سلب الحقوق من أصحابها، ويشكل العنف العائلي تهديدا خطيرا لحقوق الانسان خاصة المرأة والطفل الذين هم اكثر افراد الاسرة عرضة للعنف وضحاياه.
القانون وتجريم العنف العائلي:
وبالرجوع الي قانون العقوبات الليبي نجد انه يتضمن العديد من النصوص القانونية التي تحرم الاعتداء على الأشخاص وهي تمثل إطار الحماية من ممارسة العنف ضد الفرد كعضو في الاسرة نواة المجتمع نذكر بعض منها علي سبيل المثال لا الحصر.
فيما يتعلق بقتل الوليد صيانة للعرض نصت المادة (373) علي انه يعاقب بالسجن مدة لا تزيد عن سبع سنوات كل من قتل حفظا للعرض طفلا اثر ولادته مباشرة او قتل جنينا اثناء الوضع، اذا كان القاتل هو الام او احد ذوى القربي، ويكون عرضة للعقوبة ذاتها كل من اشترك في الفعل وكان قصده الأوحد مساعدة احد الأشخاص المذكورين في حفظ العرض ، وفي سائر الأحوال الأخرى يعاقب من اشترك في الفعل بالسجن مدة لا تزيد عن عشر سنوات”.
اما المادة (387) نصت على انه “يعاقب بالحبس او الغرامة كل من سيب شخصا معهودا اليه بحراسته او رعايته اذا كان ذلك الشخص صغيرا او عاجزا عن القيام بشؤنه بنفسه لمرض في جسمه او عقله او لشيخوخته او لأي سبب اخر”.
ونصت المادة (394) على تجريم ومعاقبة التقصير في القيام بالواجبات الاعانة المترتبة علي مكانته الابوية او علي واجبه كوصي او علي كونه زوجا بالتخلي عن منزل اسرته او باتباع مسلك يتناقض مع نظامها السليم واخلاقها ……..”.
كذلك عاقب القانون على سوء استعمال وسائل الإصلاح والتربية بموجب المادة (397) التي نصت علي انه يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز السنة كل من استعمل وسائل الإصلاح والتربية استعمالا غير مشروع علي من خاضع لسلطته او من عهد اليه لتربيته او لتثقيفه او الاعتناء به او الاشراف عليه او رعايته او لتدريبه مهنة او فن اذا كان من شأن الفعل تعريضه لمرض في الجسم او في العقل.
ونصت المادة (398) بشأن إساءة معاملة افراد الاسرة والأطفال علي المعاقبة بالحبس لكل من اساء معاملة احد افراد اسرته أو صغيرا دون سن الرابعة عشر او أي شخص اخر خاضع لسلطته او معهود اليه به لتربيته او لتثقيفه او رعايته او لتدريبه علي مهنة او فن.
والمادة (409) نصت علي انه يعاقب بالحبس كل من حرض صغيرا دون سن الثامنة عشر ذكرا كان ام انثي علي الفسق والفجور او ساعده علي ذلك او مهد له ذلك او اثاره بأية طريقة كانت لارتكاب فعل شهواني او ارتكبه امامه سواء علي شخص من نفس الجنس او الجنس الاخر.
على الرغم من ان المشرع الليبي منح الأطفال عناية واهمية بالغة من خلال كافة النصوص التي تضمنها قانون العقوبات وهو ما يعكس رغبة المشرع الليبي في حماية الطفل من كل عنف او اعتداء أيا كان نوعه خصوصا ذلك المرتكب من اسرته، الا انه من وجهة نظري هذه النصوص يعتريها النفص فهي لا تقدم الحماية اللازمة للأطفال من العنف وبالتالي لابد من إعادة النظر في السياسة العقابية لجرائم العنف الاسري ضد الأطفال بشكل يتلاءم مع الطبيعة الجرمية لتلك الأفعال، وعدم التهاون في معاقبة مرتكب العنف الاسري وخاصة ذلك العنف المقصود حتي يكونون عبرة لمن يعتبر او حتي يتحقق الردع الخاص والردع العام. مع ضرورة ترسيخ وتعميق فهم افراد الاسرة لمبادئ الدين الإسلامي التي تؤكد علي نبذ العنف ضد الأطفال باعتبارهم الحلقة الأضعف داخل الاسرة ومنه لابد من العمل علي تثبيتها داخل الاسرة وهو دور كل من المساجد والمدارس وجمعيات المجتمع المدني….
إحصائيات وارقام
تتعرض 35% من النساء والفتيات على مستوى العالم لنوع من أنواع العنف الجنسي، وفي بعض البلدان، تتعرض سبع من كل عشر نساء إلى هذا النوع من سوء المعاملة.
يقدر بقاء ما يقرب من 30 مليون فتاة تحت سن الخامسة عشر تحت تهديد خطر تشويه الأعضاء الجنسية للإناث، في حين تعرضت أكثر من 130 مليون امرأة وفتاة إلى تلك الممارسة على مستوى العالم.
على الصعيد العالمي، يقدر عدد الأحياء من النساء اللواتي تزوجن ولم يزلن صغيرات بـ700 مليون امرأة، منهن 250 مليون تزوجن دون سن الخامسة عشر. ومن المرجح ألا تكمل الفتيات اللواتي يتزوجن تحت سن الثامنة عشر تعليمهن، كما أنهن أكثر عرضة للعنف المنزلي ومضاعفات الولادة.
تستمر عواقب العنف ضد المرأة وتكاليفه لأجيال.
تتزايد الأبحاثُ في مجال العنف ضد المرأة، لاسيما -عنف القرين- ومنذ إعلان النتائج الأولى للدراسة متعددة البلدان التي قامت بها منظمة الصحة العالمية عام 2005 حول صحة المرأة والعنف العائلي3، ازداد عدد الدراسات حول انتشار عنف القرين من 80 إلى أكثر من 300 بحثاً في عام 2008، أي ما يقارب أربعة أمثال. ولدينا الآن معطيات انتشار سكاني لعنف الشريك الحميم في أكثر من 90 بلداً، ومع ذلك تبقى المعطيات محدودة نسبياً في بعض الأقاليم – مثل الشرق الأوسط وغرب أفريقيا. وبالمثل، هناك أيضاً نمو متسارع في مجموعة البيّنات المرتبطة بمجال العواقب الصحية والتنموية السلبية لهذا العنف.
المشكلة قائمة قبل نصف قرن من الآن، كان الأمر ينطبق تماما على محاولة المرأة النجاة من كدمة سوداء حول العين أو شفة مشقوقة، ولم يكن إغلاق باب البيت هو الحل.
مواد وقوانين.
لم يكن هناك نص قانوني لضمان بقاء ضحية العنف الأسري في منزل العائلة بينما يخرج منه الجاني. ولم تكن هناك أي ملاجئ لتأويها، وكان من الصعب على المرأة أن تستأجر شقة بنفسها، حتى لو كانت قادرة على تحمل تكاليفها.
ولطالما غضت الشرطة الطرف وتجاهلت الأمر إلى حد كبير على اعتبار أن الأمر “مجرد شأن عائلي”. وهكذا كانت المرأة، بعينها المصابة، وأضلاعها المكسورة وحروق السجائر على جسمها تبقى في المنزل الذي تتعرض فيه للضرب.
- أخيــــــــــــــــــــــراً…
العنف ضد المرأة له تاريخ طويل للغاية، ويُعد أحد أكثر انتهاكات حقوق الإنسان انتشاراً واستمراراً، وعلى الرغم من أن شدة هذا العنف قد تباينت مع مرور الوقت وحتى اليوم تختلف بين المجتمعات. وغالبًا ما يُنظر إلى هذا العنف على أنه آلية لإخضاع النساء، سواء في المجتمع بشكل عام أو في العلاقات الشخصية وقد ينشأ هذا العنف من شعور بالاستحقاق أو التفوق أو المواقف المماثلة في الجاني، أو بسبب طبيعته العنيفة، وخاصة ضد النساء.
عواقب سلبية.
تؤثر العواقب السلبية المترتبة عن العنف ضد المرأة والفتاة على صحة النساء النفسية والجنسية والإنجابية في جميع مراحل حياتهن. على سبيل المثال، لا الحصر تمثل سلبيات انعدام التعليم المبكر العائق الرئيسي لحق الفتيات في التعليم وتعميمه فقط، بل في النهاية تقيد الوصول إلى التعليم العالي وتؤدي إلى محدودية خلق فرص الشغل للمرأة داخل سوق العمل، ويُعد العنف ضد المرأة والفتاة الاكثر انتشارًا واستمرارًا وتدميرًا في عالمنا اليوم، ولم يزل مجهولاً إلى حد كبير بسبب ما يحيط به من ظواهر الإفلات من العقاب والصمت والوصم بالعار.
هذه بعض الحكايات التي دارت احداثها وراء جدران باردة و فوق صفيح ساخن بين برودة الصمت و حرارة الالم نتقاسم معهم الوجع و محاولة لإنهاء هذه المرارة التي تتجرعها النساء كل يوم، من خلال طرح القضايا و تسليط الضوء على مُعنفات يحكين اوجاعهن.