أخبار عاجلة

زواج القاصرات

إعداد/ سعاد مهارة.

من هن القاصرات؟ وما أسباب زواجهن.؟ وما رأي الاسلام والعرف والعادات والتقاليد في هذا الزواج…؟

القاصرات هن الفتيات اللواتي لم يبلغن سن الرشد… وتطلق كلمة قاصر على المريض والمفقود والغائب والممنوع من التصرف بحكم القانون… ومن الناحية القانونية هم الأفراد الذين لم يبلغوا سن الرشد بعد… ولكن !!! لماذا تزوج القاصرات إذا كن غير راشدات؟؟؟

لا شك في ان هذا الظلم الذي تعرضت له الفتيات الصغيرات منذ أحقاب مضت كان نتيجة لما مرت به بعض الشعوب والقبائل من حروب دامية أدت إلى وفيات أعداد كبيرة في صفوف الرجال وإلى انتشار الفقر والجهل والتهجير، فكان اللجوء إلى تزويج الصغيرات لسد دريعة مسؤوليتهن واعتقاداً منهم لحفظهن من الاعتداء والخطف عندما تكون في مسؤولية زوج… دون أدنى تفكير لما قد يتعرضن لهن من أذى نفسي وجسدي في حق بناتهن اللواتـي لازلنا بحاجة الى الرعاية والتربية والاهتمام والتأهيل لأنهن ستصبحن أمهات ومربيات فكما قال عليه الصلاة والسلام (كلكـم راعٍ وكلكم مسؤول عن راعيته….) فقد بين عليه الصلاة والسلام المسؤولية التي تقع على كاهل كل ولي أمر وأن التهاون فيها لا يجوز شرعا ومنها مسؤولية الأم اتجاه الأبناء.

فتأهيل البنات للزواج في سن الرشد والقدرة على تحمل أعباء الحياة هذا من أهم واجبات أوليـاء أمورهن لأنهن عماد الأسرة فالزواج مسؤولية تقع على الفتاة قبل الشـاب لأنها ستكون المسؤولة على إنشـاء أسرة واعية متعلمة قادرة على العيش الكريم تكون نواة المجتمع الذي لو نشأ فيها الطفل بطريقة صحيحة سينشأ مجتمع واعي متعلم فالأم أساس هذه الأسرة وعمادها فكما قال الشاعر حافظ إبراهيم..

             الأم مدرسة إذا أعددتها     أعددت شعبا طيب الأعراق

             الأم روض إن تعهده الحيا    بالريِ وأوراق أيمـا أيراق

             الأم أستاذ الأساتذة الأولى   شغلت مأثرهم مدى الآفاق

* آثر زواج القاصرات على المجتمع..!

إن أثر زواج القاصرات مدمر على الأسرة والمجتمعات على حد سواء ومن أبرزها كثرة المشاكل والجهل بواجبات وحقوق الزوج والأبناء وبالتالي أدى ذلك إلى كثرة حالات الطلاق ووجود ضحايا من الأطفال جراء هذا الجهل بحاجة إلى العيش في ظل أسرة واعية متعلمة… حيث يكثر زواج القاصرات بصفة عامة على مستوى العالم كل عام وتوجد أكبر إحصائية في الهند وبنجلاديش والنيجر وبعض الدول الأوروبية واللاتينية وقارة أمريكا الشمالية وبعض الدول العربية … فهي إجمالا ظاهرة عالمية.

ومن هنا فلا يجب علينا أن نردد ما نسمع بأن هذه الظاهرة المسؤول عنها هو الاسلام فهذا افتراء على الدين الإسلامي والدليل قوله تعالى ” وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم ولا تأكولوها إسرافا وبذارا وأن يكبروا ومن كان غنيا فليستعفف ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم وكفى بالله حسيبا ”      الآية ( 6) سورة النساء

آنستم منهم رشدا…. فهذا دليل ينص على أفضلية الزواج في سن الرشد.

لذا على الوالدين تحصين الفتاة وتربيتها التربية الصالحة بزرع العفة في نفسها وفهم معناها وهي الكف عما حرم الله.

والدليل من السنة ما أخرجه النسائي عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال” الأيم أحق بنفسها من وليها واليتيمة تستأمر وإذنها صماتها ”   وإذا كانت البكر تستأذن سواء بالنطق أو الصمت الذي تظهره على ملامحها فهذا دليل على أفضلية استعداد الفتاة من الناحية السنية والجسمية والعقلية لأعباء الزواج.

لذا على الوالدين تحصين الفتاة وتربيتها التربية الصالحة بزرع العفة في نفسها وفهم معناها وهي الكف عما حرم الله تعالى وعلى الوالدين أن يكونا قدوة لأبنائهم وبناتهم في العفة والحياء فالأبناء يتربون بسلوكيات الآباء والأمهات وتنتقل هذه التربية تدريجيا من الآباء إلى الأبناء والأحفاد وهكذا.. ومن أهم السلوكيات الحرص على ارتداء الملابس التي لا تظهر العورات وإذا بلغت الفتاة سن السابعة أو الثامنة يجب الحرص على ارتداء الملابس المحتشمة حتى تتهيأ لارتداء الحجاب عند البلوغ.. فيجب تعليمهن كيفية انتقاء الرفقة الصالحة لما لها من تأثير في حياتهن وتعليمهن معنى الاستئذان إذا أرادوا الدخول على أهلهم في غرفهم الخاصة والتفريق بينهم في المضاجع لحديث  عبدالله بن عمرو بن العاص، رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (مُرُوا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين و أضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع)

رواهم  أحمد وأبو داود وحسنه المحدثـون

يجب أيضـاً تعليمهن الأخلاق الحسنة فهي زينتهن وتاج يوضع على رؤوسهـن وهي قناديل خير تنير الدنيا وهي سبب في قبول الانسان بين الناس ونيل محبتهم… حيث قال عليه الصلاة والسلام “وأن من أحبكم إلـى وأقربكم مني مجلسـاً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقـا”.

وقال أيضا عن حسن الخلق ما من شيء في الميزان أثقل من حسن الخلق …

فقد كان لحسن الخلق أثر عظيم في حياتنا وفي تجهيز بناتنا ليـكن أمهات فنحن بحاجة كبيرة لزرع القيم الإنسانية والأخلاقية كالصدق والأمانة وحسن المعاملة والجوار واحترام وتقدير الكبير والعطف على الصغير وبر الوالدين وطاعة ولي الأمر وتعليمها علوم تجعلها قادرة على مواجهة الحياة وتربية أجيال وتجهيزها لأن تكون أمـاً ومربية وقادرة على تحمل المسؤولية ومواجهة أعباء الحياة..

فعلى الأمهات إعداد الفتاة المتعلمة بتعاليم دينها ودنياها وأعدادها لأن تكون زوجة صالحة معينة لزوجها على طاعة الله وحريصة على تذكيره على الكسب الحلال واجتناب المحرمات ولا تكلف زوجهـا من النفقة ما يثقل كاهله كما أن تعينه على حفظ الروابط الاجتماعية والأسرية، تقدم المشورة وتؤثر الدين على نفسها وأهلها حريصة على فعل المعروف والمسارعة إليه، شديدة العفة، قوية في الحق.

فلو أستعرضنا نماذج مشرفة لدور النساء المسلمات في الدعوة والثبات فقت وقفت أم المؤمنين خديجة بنت خويلد مؤازرة زوجها في الدعوة إلى الحق فكانت رضي الله عنها وأرضاها واحة وافرة يأوي إليها زوجها وأولادها إلى أن توفاها الله.

وقد كانت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم راضية بحياة زوجها الخشنة قليلة الدخل، وكانت تخدم بيتها وتربى أبنائها، وتقرأ القرآن فكانت بذلك خير أبنة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وخير زوجه لـ على رضي الله عنه.

وأما عن أم سلمة زوجة رسول الله صلى الله فقد عرفت برجاحة عقلها واعتنت بأبنائها وتربيتهم بعد وفاة زوجها وأماً، عن نسيبة الأنصارية التي كانت مثالاً في الشجاعة فقد جمعت يوم أحد أهلها و أبنائها للدفاع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

أما عن أم الأمام أحمد أبن حنبل، التي كانت عابدة قائمة صائمة فعملت على تحفيظ أبنها القرآن وهو في عمر العشر سنوات فاستقر القرآن في صدره.

وأما عن أم الأمام الشافعي فقد مات أبوه وهو جنين في بطن أمه أو رضيع صغير فاعتنت به أيما عناية وربته تربية جعلت منه إمام حكيماً.

وراء كل رجل عظيم أمرأة.

وبالتالي فإن أولياء الأمور مسؤولون على إعداد وتأهيل بناتهن وتعليمهن وتقدير قدرتهن على الزواج وتربية الأبناء قبل الدفع بهن في مؤسسة كبيرة وهن دون سن الرشد فتكن بذلك ضحايا جهل أوليائهن.

عن رئيسة التحرير

8 تعليقات

  1. موضوع مهم و َحساس وتكاد تصبح ظاهرة في مجتمعاتنا العربية مع ازدياد نسبه بسبب ماتشهده المنطقه من صراعات وعدم استقرار على جميع الأصعدة ويصنف هذا من العنف ضد المرأة خاصة عند ارتباطه بالعنف اللفظي والجسدي ويجب تسليط الضوء أكثر على جميع انواع العنف ضد المرأة كاللذي يمارس ضد المرأة أثناء الولادة فهو موضوع غاية في الأهمية لارتباطه بسلامة الأرواح واعتبارها فئة هشة في المجتمع تحتاج لحماية ورفع مستوى الوعي لديهن وسن القوانين لحمايتهن وتبدأ أولى الخطوات من هذا المنبر الإعلامي الإلكتروني لتشجيع هذه الفئة على التحدث عن هذا النوع من العنف ليكون أول خطوة للعلاج وهو الاعتراف بالمشكلة…

  2. خالد بن ناجي

    أحسنت النشر ومزيد َن التقدم والنجاح فهذا المنشورمن المواضيع الهادفة والحساسة التي تمس المجتمع وتؤثر فيه سلباً نتيجة الزواج المبكر للفتيات…… بارك الله فيك وجزاك الله خير الجزاء وجعله في ميزان حسناتك يارب العالمين.

  3. احسنت النشر والالمام الكبير بالموضوع وخصوصا في هذه الايام تحديدا وجهل بعض ولاة الامور لا اقصد الجهل العلمي وانما امية المتعلمين المتفشية بين اغلب الناس وولاة الامور وحبهم المال وتنصلهم من مسؤولية بناتهم بحجة الستر والخوف عليهن

  4. موضوع مهم جدا وخاصه في وقتنا الحالي أحسنتِ أختيار الموضوع وأنتقاء الكلمات بشكل رائع♥️

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *