المثابرة والطموح والإرادة القوية صفة ثلاثية تلازم الدكتورة فوزية مراد تلك المرأة التى تتحدى الصعب بشغافها وتتوهج فى ظلام الوضع الراهن وتقول نحن هنا، لا ولن نهزم مادامت أحلامنا جسر لعبور جيل آخر واعي دون تخلف من عراقيل ومطبات الجهل.
امرأة تتسلح بالعلم والإيمان. ومن خلال حديثك معاها تستشعر بمدى إيمانها و أستيعابها لدور المرأة فى بناء الوطن.
إلتقينا بها وكان لنا معاها هذا الحوار الشيق.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد أشرف الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه الطاهرين، ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين.
وبعد،،،
في هذه الأمسية الطيبة أعبر عن خالص شكري وتقديري وأمتناني لجميع القائمين على مناشط مجلة (بيتهوم) الموقرة –هذه المجلة- التي تلامس واقع الحياة الليبية بكل تفاصيلها، وأُثمِن جهودكم المبذولة لرقي بالمجتمع الليبي لمصاف المجتمعات المتقدمة.
ومما يزيد من سعادتي الشخصية الغامرة أن أكون في هذا الحوار النسوي مع الإعلامية الناجحة أ. عبير المحجوب، وأريد أن أنوه قبل الولوج للحوار إلى نقطة جوهرية هي: أن ما سيطرح في هذا الحوار يعبر عن رؤيتي الشخصية، والتي أتمنى أن تلاقى قبولاً واستحسانًا لديكم.
فعلى بركة الله نبدأ….
س1: هل أنت راضية عما وصلت إليه المرأة اليوم؟
في اعتقادي أن مسألة الرضا التام لا يزال مبكرًا الحديث بشأنها؛ فالمرأة الليبية عانت ولا تزال تعاني كما تعاني النساء في معظم المجتمعات العربية؛ بل جلّ مجتمعات العالم الثالث من الاقصاء والتهميش، على الرغم من التقدم الذي أحرزه العالم في الحريات، وحقوق الانسان، والمساواة بين الجنسين.
س2: ما هي في رأيك المشكلة التي ما زالت تسيطر على المرأة في مجتمعنا؟
من الصعوبة بمكان القول إنها تعاني من مشكلة بعينها؛ إذا الحديث يطول بخصوص هذا الموضوع؛ فالمرأة الليبية لازالت تعيش حالة من الاقصاء والتهميش والعنف، وربما أسبابه كثيرة، قد تكون اجتماعية بالدرجة الأولى، أو تعود لثقافة المجتمع، وأحيانًا آخري تعود للمرأة نفسها، خاصة نظرتها السلبية لنفسها في كثير من الأحيان، وشعورها الداخلي بالنقص، وأنها درجة ثانية في المجتمع، على الرغم من كفاءتها وامكانيتها العلمية وخبراتها.
س3: ما هي الاجراءات التي يمكن أو يجب أن تتخذ لضمان المشاركة السياسية للنساء في دول ما بعد النزاعات كليبيا خاصة بعد السنوات الصعبة التي مررنا بها؟
تُعد المشاركة السياسية من أجلّ المشاركات الفاعلة للمرأة الليبية؛ فهي من تجسد هُويتها وكيانها كشخصية اعتبارية في الدولة، ولكي تأخذ مسارها الصحيح يتطلب الأمر تبني سياسات وهياكل مؤسساتية وقانونية للقضاء على كل أشكال التمييز أو عدم المساواة.
إن المشاركة الحقيقية للمرأة تكمن في قدرتها على احداث التغيير في البنى والهياكل المؤسساتية، ومؤسسات صنع القرار لتسمح للجميع بالمشاركة في الشأن العام والشأن السياسي.
س4: ماذا يمكن للنساء المشتغلات بالسياسة أنّ يفعلن لضمان أن يكون لديهن مقعد على طاولة المفاوضات؟
كما سبق وأشرت في السؤال سالف الذكر أن المشاركة السياسية لا تنبني على ما هو قائم، وإنما على ما ينبغي أن يكون؛ وهذا يتطلب جهد كبير وذلك من خلال المأسسة عبر المنافذ القانونية، والمساطر القانونية، بالدرجة الأولى؛ فعندما تؤسس القاعدة بشكل صحيح وتبرمج لقوانين مفعلة داخل الدولة عبر المنظومات القانونية هنا يأتي دور المرأة وهنا تكون قادرة على اثبات ذاتها في الشأن العام والسياسي وإدارة الدولة.
س5: و ماذا تعتقدي أن النساء يمكنهن تقديمه في هذه المواقف؟
تقديم كل ما من شأنه أن يقضي على العنف الممارس ضد المرأة بأشكاله المختلفة، وضمان حقوق المرأة على كافة الأصعدة وتفعيل أدوراها، ووضع الرؤى والاستراتيجيات وكل ما يتعلق بتمكين المرأة وتفعيل مشاركتها في التنمية المجتمعية. كذلك نشر ثقافة الوعي بأهمية وقيمة التمكين للمرأة في المجتمع.
س6: ما هي الاجراءات التي يمكن أو يجب أن تتخذ لضمان المشاركة السياسية للنساء في دول ما بعد النزاعات؟
سبق الإجابة عن هذا السؤال ولكن لدي إضافة لتفعيل المشاركة السياسية للمرأة تتمثل في الآتي:
– تكوين جمعيات ومؤسسات تعني بقضايا المرأة على المستوى المحلي والإقليمي والدولي.
-رفع نسبة الوعي بالمشاركة السياسية والبرامج الهادفة التي ترفع من نسبة وعي المرأة.
7-وكيف ترين السياسات المتبعة حاليًا لدعم مسيرة تمكين المرأة؟
أن تمكين المرأة في ليبيا ينبني على رؤية استراتيجية تقوم على زيادة فاعلية المرأة ودعم قدراتها الذاتية وتنميتها، ومنحها فرص متكافئة مع الرجل في استخدام موارد المجتمع، والمشاركة الفاعلة في اتخاذ القرارات في جميع المؤسسات، وإلغاء الفوارق القائمة على أساس النوع، والقضاء على العنف والاضطهاد الذي تتعرض له، وهذا سينعكس بدوره على قدرتها على الاختيار المناسب على جميع الأصعدة بما يؤثر على تغيير اتجاهات المجتمع نحو الأفضل.
ولكن للأسف الشديد هذه الرؤية ضبابية؛ فالتمكين لا يزال في أطره السياسي والاقتصادي على وجه الخصوص محصور في زاوية ضيقة جدًا، وما نحتاجه بالضبط هو بيان المسكوت عنه. إن عرقلة تمكين المرأة تمثل شكل من أشكال العنف لا يزال للأسف الشديد يمارس على المرأة حتى وإن كان غير ظاهر للعيان.
س8: كيف يمكننا تعزيز التعاون عبر الحركة النسوية في ليبيا؟
لكي تأخذ الحركة النسوية فاعليتها بالشكل الصحيح، وتسير في اتجاه يحقق أهدافها لا بّد من المأسسة لثقافة التمكين، وذلك من خلال نشر الوعي بأهمية تمكين المرأة، وهذا لا يتأتى إلا من خلال: الاستفادة من الكفاءات وأصحاب الخبرات السابقة على المستوى الإقليمي والدولي، أضف لذلك عمل تؤامه مع مؤسسات ذات الاختصاص.
س9: كيف تفسرين ارتفاع نسبة الطلاق في المجتمع ؟
إن ارتفاع معدلات الطلاق في ليبيا ناتج عن عدّة أسباب لعل من أهمها: ظاهرة الزواج المبكر، فهي من أكثر الأسباب ترجيحًا لانتشار هذه الظاهرة خاصة في الآونة الأخيرة بعد مشروع دعم الزواج الذي نظمته الحكومة الوطنية لدعم الشباب، أضف لذلك عدم توفر المسكن وقلة دخل الأسرة مما ترتب عليه عدم مقدرتها على التعايش مع الظروف الاقتصادية، مما يجعل المنزل بيئة طاردة وبالتالي يحدث الطلاق. كذلك الأسرة الحديثة الطرفان كل منهما يعمل مما يترتب عليه اختلاط الأدوار والمسؤوليات وهذا يتطلب الحوار المستمر فكل طرف يتهتم الطرف الآخر بالتقصير ويعبر عن عدم الرضا مما يترتب عليه حدوث الطلاق. أن تهرب بعض الأزواج من المسؤولية، أو عدم التفاهم بين الطرفين، وتدخل الآخرين في العلاقة الزوجية بين المتزوجين من الأسباب التي
تنهي العلاقة الزوجية ويترتب عليها حدوث الطلاق.
س10: من خلال تجربتك، كيف تؤثر الرجولة والأعراف الاجتماعية على المساواة المبنية على النوع الاجتماعي في ليبيا؟
لا يزال المجتمع الليبيّ في طور النشوء كبقية الدول النّامية في العالم الثالث، ويبقى الاختلاف نسبيًا من دولة لأخرى، ولكل مجتمع خصوصيته، ولعل أبرز ملامح الخصوصية الليبية هي التركيبة القبلية وأثرها البالغ، كونها أحد مدخلات النظام السياسي.
أن ليبيا اليوم بما فيها من تقهقر تدفع ضريبة الانغلاق الحضاري وعدم تفكيك المنظومة القبلية، والرجل الليبي أصبح يواجه صراعًا مع التطورات الحضارية المتسارعة وما أحدثه من تناقضات اجتماعية، أضف لذلك العولمة وما نتج عنها من فساد أخلاقي كل هذا كان له آثاره السلبية عليه، وعلى المجتمع الليبي. لهذه الأسباب وغيرها أصبحت مسألة المساواة المبنية على النوع الاجتماعي تشكل هاجسًا للرجل الليبي أكثر من كونها تكافئ ومساواة في اتاحة الفرص بين الطرفين.
س11: وما الذي يمكن فعله لتغيير المواقف بشأن المساواة؟
الذي يمكن قوله لتغيير المواقف بشأن المساواة، التغيير كما يقول علماء الاجتماعي: في الجانب المعنوي بطيء؛ لذلك لن يتغير حال المرأة بين ليلة وضحاها، فهذا يحتاج إلى وقت. إنه يحتاج إلى تغيير ثقافة مجتمع بأكمله، ثقافة مبنية على النظرة الدونية للمرأة، والتوعية تبدأ من الأسرة من خلال التنشئة الاجتماعية، وعمليات التطبيع الاجتماعي، إضافة إلى مؤسسات المجتمع الأخرى مثل: المدرسة من خلال تحديث مناهجها، والمؤسسات الاجتماعية الأخرى مثل: الأندية والمنتديات وغيرها. إضافة إلى ذلك سن قوانين تحمي المرأة من التهميش، والعنف بكل أشكاله وأنواعه.
س12: ما مخاطر التكنولوجيا على تماسك المجتمع؟
الحديث عن التكنولوجيا حديث طويل جدًا يتركز على ثلاث ثورات تكنولوجية ضخمة هي: الثورة الإلكترونية- والثورة الجينية والثورة المعلوماتية. لهذا سنركز على الجانب السلبي للتكنولوجيا و اقصد هنا: التغيرات القيمية التي خلفتها التكنولوجيا في جانبها الاجتماعي وتحديدًا(الجانب القيمي).
صحيح إن استخدام التكنولوجيا قد حقق الرفاهية و الراحة للإنسان وخاصة بعد ظهور التكنولوجيا الرقمية، وتقنية المعلومات والاتصالات وانتشارها السريع في المجتمع، إلا إنها كانت ضريبة قوية آثرت على الجانب القيمي للإنسان ، فالتغير العلمي والتكنولوجي لا بّد أن يرافقه تغير في نمط الحياة، والبناء الاجتماعي، والعلاقات الاجتماعية، لهذا ضعف الحوار والنقاش والرأي الآخر في حوار الأسرة، وانتقل جزء كبير من هذا الدور إلى شبكات الانترنت، والهواتف النقالة، والألعاب الإلكترونية الأمر الذي فتح الباب أمام أنماط من التواصل الافتراضي الذي حل مكان الحوار والمحادثة بين أفراد الأسرة الواحدة مما ساهم في توسيع الفجوة وتكريس الصراع بين جيلي الآباء والابناء. إن هذه التحولات التكنولوجية أفرزت تفاعلات جديدة للعلاقات على صعيد الأسرة أدت إلى تعزيز العزلة والتنافر بين أفرادها.
س13: كيف ترين المرأة في مهنة الإعلام؟
المرأة في مهنة الإعلام تنقسم إلى قسمين: قسم على درجة عالية من الوعي والثقافة وأسهم في توعية المجتمع وكانت على درجة عالية من المسؤولية والثقة في النفس وبرزت وجودها على الصعيد العربي أو على الصعيد الوطني بشكل يفوق أحيانًا حتى الرجل، ولعل من أبرز المراسلات في قناة الجزيرة الصحفية الفلسطينية والتي أطلق عليها الصهاينة الرصاص وهي تنقل أخبار ودفاع أخوننا في فلسطين عن المسجد الأقصى إنها الصحفية (شيرين أبو عقلة) والعديد منهن، أما القسم الآخر فهو بعض النساء اللاتي ثم استغلالهن إعلاميًا وصورها الإعلام في صور لا تليق بالمرأة العربية الواعية.
س14: يروِّجون عنا أن الإسلام ظَلَم المرأة في الميراث؛ حيث أعطى للذَّكر مثل حظِّ الأنثيَين، فكيف تفندنَ هذه الفِرْية التي توارثتها أجيالهم؟
بداية نسلم ونؤمن إيمانًا راسخًا بالحكمة الإلهية لما يجرى من سنن وأحكام إلهية، وفيما يتعلق بمسألة الميراث وما يروج في هذه الأيام من شبهات تحاول النيل من الدين الإسلامي بالطعن في بعض المسائل العقدية محاولين القول بتاريخية الأحكام وهذا القول أشد خطورة من مسألة الميراث في حد ذاته؛ لأن التسليم والإذعان لها يعني نسخ كل الأحكام وتغييرها.
أضف لذلك ستلغي عالمية الإسلام وصلاحيته. وهنا الكارثة الكبرى والخطر الجسيم الذي ينبغي الوقوف عنده. والحديث يطول في هذا الموضوع ولكي لا نخرج عن مضمون السؤال أقول إن المولى عزّ وجلّ في محكم كتابه﴿ يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ﴾ وهنا إشارة واضحة لآلية تقسيم الميراث بين الأخوة. ويقول تعالى ﴿وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ﴾ وهذا يوضح لنا إن الأقوال التي تتداول في أيامنا هذه ليست بمثابة القاعدة العامة في الميراث كما يتناقل بين ضعاف النفوس الذين يحاولون النيل من ديننا الإسلامي الحنيف، وهنا نطرح التساؤل التالي: لماذا لم يتم طرح الحالات الأخرى التي يكون نصيب النساء مساويًا لنصيب الرجال أو تفوقها؟ أعتقد أن هذا الموضوع لن يلقى رواجًا وقبولاً إلا عند أصحاب النفوس الضعيفة، أما الإنسان الواعي وقوي الايمان فلن يجد لهذه الطرح مكانًا لديه.
س15: كيف يتفاعل الأشخاص من حولك مع نشاطك؟ وما هي التحديات التي توجهينها كونك نسوية؟
أنّ تفاعل الأشخاص من حولي يتجسد في عدّة مناحي لعل من أبرزها: الأنشطة العلمية التي أقوم بها والمتمثلة في إلقاء محاضرات وندوات وحوارات تنموية تجسد الوعي الذاتي للمرأة وترسخ دورها في التغيير الاجتماعي. أضف لذلك تقديم النصائح والإرشادات والمعلومات لكل النساء المقبلات على مشاريع ونشاطات علمية ومعرفية وحياتية تساعدهن على تحديد أهدافهن ورؤيتهن للوصول للهدف أو المبتغى.
إن التحديات التي أوجهها كغيري من النساء داخل المجتمع الليبي عديدة ولا سبيل لحصرها إلا أنها ولله الحمد لا تُهون عزيمتي وإصراري على تحقيق أهدافي، ومن أكثر التحديات التي أعمل على حللتها من خلال نشاطي العلمي والعملي تتمثل في عدم ثقة المجتمع في تولي المرأة المناصب القيادية، وعزوف النساء عن المشاركة بجميع أشكالها وخاصة السياسية منها، والانخراط في مؤسسات المجتمع المدني.
س16: ماذا تقولين للشباب والشابات الذين يرونك قدوة نسائية؟
أقول لهم أن الوطن غالي ويجب أن نتوحد رجال ونساء من أجل القضاء على التخلف الاجتماعي بكل أشكاله وألوانه، وأن نسهم جميعًا في تنمية وتقدم المجتمع ليكون لمجتمعنا دور فعال وريادي على الصعيد العالمي.
س17-كيف تسهم المرأة في رفعة المجتمع وتطوره؟
إن مفهوم مساهمة المرأة بما يمتلكه هذا المفهوم من محورية أو مركزية، إذا أردنا توظيفه بالشكل الحقيقي للمفهوم وتوضيح دلالاته المعرفية لكي يسهل لنا أمر توظيفه لوجدنا أنه هناك التباس وخلط كبير لحد الابتعاد عن معناه الحقيقي؛ إذ أن المساهمة الحقيقية والفاعلة أو المثمرة للمرأة لا تتأتى ولن تتأتى إلا بانخراط أصحاب الخبرات والكفاءات والقدرات، وللأسف هذه الشرائح مبتعدة ومستبعدة من الساحة سواء على المستوى السياسي أو المستويات الأخرى، ولهذا نلاحظ تخبط أغلب النساء ممن تقلدن مناصب قيادية، ولم نرى لهن مبادرات، ولا حتى محاولات جادة من شأنها الرفع من شأن المرأة وإبراز دورها القيادي والريادي داخل المجتمع الليبي.
س18-ما هي الفوائد التي يمكن أن يجنيها مجتمعنا من مشاركة المرأة في عملية التنمية؟
أن مشاركة المرأة في عملية التنمية داخل مجتمعها من شأنه أن يزيد من اقتصاد المجتمع سواء من ناحية الخدمات، أو ناحية الإنتاج؛ حيث أن المجتمع نصفه من النساء، وبالتالي إذا ما تم انخراطهن في العمل العملي والانتاجي فمعنى ذلك زيادة الإنتاج.
وخاصة اليوم العالم مع التقدم العلمي لم يُعد في حاجة كما في الماضي إلى القوى العضلية؛ فالعالم اليوم يحتاج إلى القوى الفكرية؛ فقد تشغل مجموعة من النساء أكبر المصانع في العالم لأنها تتفاعل مع آلة ذاتية، أي من تحرك وتشغيل آلة معينة يمكن أن تشتغل أكبر الآلات.
س19-هل بالإمكان سرد تجربتك الشخصية كامرأة قيادية لم تنال مكانها على طبق من ذهب؟
نعم، الحمد الله لقد كنت شغوفة بالعلم والمعرفة وبأن يكون للمرأة دور في تقدم المجتمع. وواصلت دراستي حتى تحصلت على درجة الدكتوراه سنة 2011م، وباعتبار الجامعة بيت خبرة في المجتمع فقد كان لآرائي وأفكاري انعكاس على التنمية في المجتمع، ولثقة الزملاء فقد توليت رئاسة قسم علمي ولأول مرة تتوله امرأة داخل الجامعة 2012م. وترشحت لعدّة مناصب داخل الجامعة وخارجها إلا أن طبيعة نشاطي العلمي المتواصل داخل الدولة وخارجها جعلني اعتذر عن جميعها. وحاليًا اتولى عدّة مناصب داخل مؤسسات وهيئات ولجان علمية داخل ليبيا وخارجها تختص بالتنمية والمرأة والشباب والبحث العلمي وكل ما يخص خدمة المجتمع.
س20-من يساندك حتى تكوني ما أنتِ عليه اليوم؟
أنّ من يساندني في كل شؤون حياتي العلمية والعملية هو المولى عز وجل؛ فهو متكئ دائما أتوكل عليه…. أتمنى أن يكون علمي وعملي كله خالصًا لوجهه الكريم.
ولكن لا أنكر الذي يساندني بالدرجة الأولى في مشواري العلمي والعملي زوجي العزيز حفظه الله ومتعه بالصحة والعافية، فوراء كل امرأة عظيمة رجل، وأن كانت معكوسة فتصلح لأن تقال للاثنين، أيضًا الزملاء سواء في الجامعة أو في مؤسسات المجتمع المدني، وأهلي خاصة والدي الكريمين اللذين دائمًا أقدرهما حيث ما كانا، فهما من دفعاني للتعليم وغرسا في حب العلم والمعرفة حفظهما الله.
س21-خلاصة تجاربك كسيدة كيف تلخيصها ونصيحتك لكل سيدة وام وربة بيت ؟
خلاصة تجربتي هي:
أن لا تيأس المرأة فلا يأس مع الحياة، وأن لا تخاف من المسؤولية، وأن الثقة في النفس هي البداية الحقيقية لأي نجاح، والانخراط في مؤسسات المجتمع المدني، الحوار مع الآخر، تعريف الآخر بالمرأة ودورها وإمكانياتها.
وأخيرًا وليس آخرًا نصيحة أتوجه بها لكل حرائر ليبيا: عليكن مواصلة تعليمكن، واكتساب المعرفة بجميع أوجهها، وأن يكن لديكن تنوع ثقافي، ولا بّد لكن من الانخراط في مؤسسات المجتمع المدني والثقافي، وأن يكون شعارك الجد والاجتهاد والإخلاص في العمل، والتقيد بالضوابط وتعاليم ديننا الإسلامي. فهذه الأشياء وغيرها كثير هي من تشكل الأساس المتين لتكوني جزء رئيسًا وفاعلاً في تنمية المجتمع وبنائه.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
تحياتي واحترامي لحرائر ليبيا
أ.د.فوزية محمد مراد