الجزء الأول
تَعَوَّدَ أطفال العائلة أن يجتمعوا عند الجدة حورية، ليستمعوا إلى حكاياتها الجَمِيلة المليئة بالعبر والمواعظ.
دخل الأطفال وقَبَّلَوا يدها الطاهرة، وهم متلهفون لحكايةِ اليوم.
فقال عادل: ما عنوان قصتنا اليوم يا جدتيِ الغالية.
الجدة: الأمير والفتاة الذكية.
وقالت خولة: فلنبدأ القصة فقد اكتمل العدد يا جدتيِ العزيزة.
الجدة: سأبدأ بسرد القصة يا أحبائي.
يحكى أنه في قديم الزمان، كان هناك سلطان وما سلطان إِلَّا اللهُ، وليستغفر السامعين الله.
الأطفال: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ.
الجدة: كان لهذا السلطان إبن، فارس مغوار، يملك الأرض، والصحة، والجمال، ولكنه كان مُتكبرً، يأمر، فيطاع، ويخاف منه الجميع.
وذات يوم وهو يجول في البلادِ، لمِحَ فتاة جميلة، فقرر أن يتزوجها، وكانت هذه الفتاة من أجمل الفتيات في البلادِ، نشيطة، وحكيمة، وهي تقوم بخدمة أبيها البصير، ولديها سبعة أشقاء مغاوير اشداء.
فأرسل إليها والدته لكي تطلب يدها، وقد سمعت الفتاة من قَبْلِ بغرور الأمير وتكبُرهِ، فلم تطلب الذهب، ولا القصور والحرير، وإنما اشترطت بعض الشروط للزواج بيه.
وقد كان الشرط الأول، أن يأتيها يبكي ويضحك !!!
استمع الأمير إلى الشرط، وأصبح يفكر كيف يفعل ذلك؟ وهو الأمير القوي المُتَكبر ذو الهيبةُ والنفوذُ.
ذهب لإمرأةً عجوزً حكيمة، وكانت تسكن في الغابة ليعرف حل لهذا الشرط.
فقالت له: يا بُنَيّ الحل عندك فقد تَكبرتَ وطَغَيْتَ كثيراً، فانظر إلى حال الأسرة التي سلبتَ مزرعتهم، وماذا حدث لهم ثم ارجع لي وسوف أعطيك الجواب.
فذهب الأمير، وجد الأبْ مريض، والأطفال يصرخون من الجوعِ، والأم عاجزة عن توفير متطلباتهم.
تألم الأمير، وبكى عندما وجدهم على هذا الحال، رَّد الأمير الأرض، والبيت، إلى الرجل. ومنَحهم كيس من المال تعويضاً عن الضرر الذي لحق بهم ورد الابتسامة المسروقة عن وجوه الأطفال، فأصبح يبتسم ويلعب مع الأطفال، وهو يضحك سعيد بما فعل، وتَذَكَّرَ قول العجوز الحكيمة التي تسكن الغابة، فذهب إليها، ليَعْرَفَ الحل الَّذي تُريده فَتَاته الجَمِيلة، لتَزَوَّجَ بها.
العجوز الحكيمة: مَرحَباً بك أيها الأمير.
الأمير: أريد الحل فالفتاة بانتظار الجواب.
العجوز الحكيمة: يا بُنَيّ، أنتَ اليوم ضحكت وبَكيت، بما جَنَتْ يداك فأحرص على أن لا تطمع بما ليس هو لك، فقد شَاهدتَ ما حصل لهذه الأسرة المسكينة.
الأمير: أنا نادم ولن يتكرر ذلك مجدداً.
العجوز الحكيمة: إذاً انطلقْ إلى الفتاة، وضّع في عيونك قليلاً من عصير البصل قبل أن تفتح هي الباب، وتَذَكَّرَ بأنها ستَكون زوجَتِكَ، فسوف تضحك من شدة الفرح، وستَبكي عيونك لوجود عصير البصل.
وفعل الأمير مثل ما قالت له العجوز الحكيمة، وفاز بالشرط الأول، ولكن كان هنالك شرط آخرْ للفتاة الجَمِيلة، ستُخبر به الأمير في اليوم التَّالِيِ، لكي يتم الزواج من الأمير الشَّابُّ.
جاء الأمير إلى الفتاة الجَمِيلة، ليستمع إلى الشرط الثانيِ.
فقالت له الفتاة الجَمِيلة:
شَرْطيْ هو أن تكون عُريان وغير عُريان.
صُدَمَ الأمير بالشرطِ الثانيِ.
وقد أعطته فرصةَ أسبوعاً، ليُلبي لها هذا الشرط.
أخذ يفكر، ويفكر، في الحل.
فذهب إلى العجوز الحكيمة في الغابة، لكي يُلبي طلب فَتاته الجَمِيلة وهو الشرط الثانيِ، قبل أن تنقضي السبعةَ أيام، أشارت إليه بأن يجلب مجموعة من شِباك الصيد.
أسرع الأمير إلى البحر ليجمع بعضً من شِباكِ الصيد ولكن تفاجأ بعدم وجود الصيادين على الشاطئ.
وتذكر بأنه أخذ أجمل القوارب، وطردَ الصيادين من على الشاطئ، حتى لا يُزعِجوه هو وأصدقائه، لقضاء عطلة الصيف، لأجل السباحة.
وراح يبحث عن بقايا شِباك صيد، ولكن لا فائدة فسأل أهل القرية عن الصيادين، فأجابوه: بأنهم رحلوا إلى البلاد المجاورة، سعياً وراء رزقهم فَهُمْ لا يعرفون مهنة سوى صيد الأسماك.
أخذ الأمير حِصانه، وذهب إلى البلاد المجاورة، ووجد الصيادين الذين كانوا في بلاده يَملأهم الفرح، وعلى وجوهم السرور، وجدهم حزينين والكآبة تَملأ وجوهم، فهم يعملون طوال اليوم بثمن زهيد، لأنهم ليسوا في بلادهم، وصيادين البلدة يتقاضون أُجُور مرتفعة.
حَزِنَ الأمير على ما أصابهم، وندم، على ما فعل، نتيجة طيشه وغروره لأنه ابن السلطان.
وفي صباح اليوم التَّالِيِ، قرر جمع جميع صيادي بلاده، وأعتذرَ منهم عما حدث منه، وطلب منهم العودة إلى شاطئهم الأصلي فهو بحاجة إليهم.
فرِحَ الصيادين لأن أميرهم تغّير وأصبح حَسنُ الطباع.
عاد جميع الصّيادين إلى بلادهم، واشترى الأمير منهم بعض الشِباك، ليعطيه إلى العجوزِ الحكيمةُ في الغابةِ.
عاد الأمير إلى العجوز.
طلبت منه العجوز أن يجمع الشِباك، ويعطيها إلى الحائك العجوز في البلدة، ليصنع منه رداءً، فهو من أمهر الحائكين في البلاد قاطبة.
ذهب الأمير إلى المكان الذي وصفته العجوز الحكيمة له، فوجد الدُكان مُنهارٌ، فسأل عن الحائك فوصفوا للأمير بيت الحائك.
ذهب إلى بيت الحائك، فوجد رجلاً، يبدو عليه ملامح الطيبة، واللطف، ولكنه حزين هزيل، فسأله الأمير ماذا حصل لدُكانك أيُه الرجل الطيب؟
أجاب الحائك: في هذهِ البلاد سلطان، طلب مني أن أخيط مَلابساً لابنه، الأمير الشَّابُّ، وذلك لأن لديه دعوة عشاء، لكل سلاطين البلدان المجاورة، وصنعتها له كأجمل ما تكون، فأنا من أمهر الحائكين هنا.
لكن يبدو انه لم تعجبه، فبعث بجنوده، ليهدموا دُكاني.
ومنذ ذلك اليوم، وأنا في حسرة وحزن، على ما فعله هذا الأمير.
تذكر الأمير ما حدث، وندِمَ مرة أخرى، على تهوره، وغروره، وأعترفَ الأمير للحائك بأنه الأمير الذي حطم دُكانه، وقَبَّلَ جبينه وأعتَذرَ منه، وأمر الحُراس ببناء الدُكان من جديد، واشترى ما يلزمه من الحائك، وطلب منه أن يخيط له الشِباك، كَملابس للأَميرْ.
اسْتَغْرَبَ الحائك من طلبِ الأَميرِ.
يرفض ثيابه الفاخرة التي كانت سَبَبً لقطع رزقه؟ واليوم يَخِيْطْ الشِباك كملابس لتكون بدايته لفتح باب رزقه من جديد! وعلامات التعجب تَملأ وجه الحائك العجوز.
خاط الحائك الشِباك، وأعطاه للأمير، أخذ الأمير حصانه مسرعاً للغابة، ليعطي الملابس للعجوز الحكيمة، قبل انقضاء المدة.
طَرَقَ الباب، وسمِع الجواب من العجوز الحكيمة : اذهب يا بُني للفتاة بملابس الشِباك، فستكون بذلك عُريان وغير عُريان.
تعجب الأمير لذكاء هذه العجوز الحكيمة.
ذهب الأمير إلى الفتاة الجَمِيلة وقَلبهُ يَملأه السرور والفرح، لأنه استطاع أن يُلبي الشرط الثانيِ.
طَرَقَ باب بيت الفتاة الجَمِيلة، وهو يرتدي الشِباك، بعد أن نفَّذَ الشرط المطلوب منه.
طلبت الفتاة منه أن يُنفذَ شرطها الأخير، ولكن الأمير اغتاظ من شروطها، فقرر أن يضع حداً لهذه الشروط الصعبة.
يتبع …………..
ربي يوفقك ويفتح عليك بادرة جميلة و رايعة موفقة دايما ومتألقة