حاورتها/وداد الجعفري.
عندما تحدث معها استشعرت بحبها للعمل وحبها لأبناء الوطن، لدا عملت ليل نهار في سبيل توفير بيئة آمنة لهم فقامت بالعديد من الدراسات لتعزيز ثقافة الغذاء الصحي كمشروع مهم يجب تطبيقه على أرض الواقع ومازال هذا هو حلمها.
بالإضافة لكل ذلك وأكثر، انها السيدة التي جمعت بين بيتها وعملها ونجحت في أن تنهض بالعملية التعليمية وتسهم في إنجاحها.
الدكتورة فوزية على عقيلة بن غشير مدير إدارة الخدمة الاجتماعية والصحة المدرسية.
كان لمجلة بيتهوم لقاء معها لتحدثنا عن رحلتها العملية الحافلة:
ـ ممكن أن تحدثينا عن السنوات المهمة من حياتك العملية؟
ـ اي خطوة تعتبر بالنسبة لي نجاح فقد أقمنا جائزة للإخصائي الاجتماعي.
هذه الجائزة تقام أول مرة محلياً وثاني جائزة عربياً بعد دولة الإمارات.
وهذا يعد تحفيز للإخصائي الاجتماعي حتى يقوم بعمله على أكمل وجه.
في الدورة الأولى للجائزة تم تتويج ثلاث اخصائيين على مستوى ليبيا من بينهم امرأة من الجنوب وقالت كلمة بالمناسبة جميلة جداً، قالت: (من الجحور إلى النور)، بمعنى من اخصائية في مدرسة إلى تكريمي، وأضافت اليوم أصبحت سفيرة الخدمة الاجتماعية في الجنوب.
هذه الاخصائية الاجتماعية ترشحت لعضوية لمجلس النواب وهذا نادر جداً.
لنا الفخر أننا ساهمنا في صنع قادة.
كما استطعنا أن نحدث نقلة مهمة، هي توحيد مكاتب الخدمة الاجتماعية بعد ان استلمت حكومة الوحدة الوطنية مهامها وكانت أول إدارة انطلقت إلى المنطقة الشرقية. مكاتبنا في ليبيا كلها شرقاً وغرباً وجنوباً تحت إدارة واحدة أي حوالي 170 مكتب وهذا العمل ليس بالأمر السهل.
مكاتب الخدمة الاجتماعية والصحة المدرسية على مستوى ليبيا تحتاج إلى شغل ووقت ونحن كإدارة لا توجد لدينا ميزانية ولا إمكانيات.
نعمل فقط بالفكر والإبداعات من خلال شركاء في القطاع الخاص والقطاع العام ننفذ برنامجنا بهذه الطريقة.
– سلامة الغذاء أحد أهدافك. ما هي الحلقة التي لازالت مفقودة في هذا الموضوع الحساس؟
ـ موضوع الغذاء دراسة أقامها المجلس الاقتصادي والاجتماعي من خلال 39 مراقبة تعليمية لعدد 250 تلميذ وطالب لعدد 1000 مؤسسة تعليمية. مؤشرات الدراسة أشارت إلى معاناة بعض الطلبة من سوء تغذية ولديهم تقزم و(انيما) وسمنة مفرطة فأخذنا هذه المؤشرات وبدأنا نعمل بها.
وقع الدكتور عثمان عبد الجليل الذي احييه من خلال هذا المنبر حيث كان من الأشخاص الداعمين للمشاريع الحية وقد رحب بالفكرة عندما حول له المشروع ونظم شراكة مع البرنامج الغذاء العالمي وعملنا على هذا الموضوع، سنة وثمانية أشهر على التغذية المدرسية فقد شاهدت تجربة تونس في هذا الموضوع.
ليبيا الدولة الوحيدة ليس لديها استراتيجية للتغذية المدرسية وأبنائنا في أمس الحاجة للتغذية خاصة عندما تابعنا بعض المؤسسات التعليمية حتى في المناطق الحية، في طرابلس وجدنا بعض أبنائنا يأكلوا في (خبز وزيت وسكر) وغير ذلك من الغذاء الغير صحي وهذا بالطبع نتيجة للوضع الاقتصادي ونتيجة لشح السيولة وعدم استقرار البلاد.
هذه كانت فكرة مشروعنا، لكن للأسف نتيجة لعدم استقرار الوزارة يتأثر العمل والدراسات في هذا المجال.
نتيجة الدراسات وجدنا عدد 2.300 مليون طالب محتاجين رعاية وخاصة الفئة العمرية من الصف الأول إلى الصف السادس ابتدائي.
فبعض الدول تتكلم عن الغذاء لسد الجوع، ولكن نحن محتاجين لتعزيز ثقافة الأكل الصحي بصرف مبالغ على أبنائنا من مخزون النفط.
لقد واجهتنا عدة عراقيل وتحديات، وطالبنا بتغيير المقاصف، بحيث تستلم المقاصف شركات من القطاع الخاص وتهتم بنظافة المقاصف ودورات المياه وأقمنا مشروع نموذجي بحيث كل منطقة تستلمها شركة خاصة وتهتم بالبيئة المدرسية ووضعنا العديد من النقاط للعمل عليها، ووفقنا الله جميعاً واضفنا عليه بعض حالات التلاميذ المحتاجين من ذوي الدخل المحدود بحيث يعطى لهم افطار مجاني حتى لا تحدث فجوة بين الطلبة.
- لاحظنا العديد من المشاكل لدى الطلاب منها في النطق وفي التحصيل العلمي بسبب مشاكل أسرية أثرت بصورة أو بأخرى في مستوى التحصيل العلمي. ما دوركم لحل هذه المشاكل؟
هذه مشاكل نفسية لها علاقة (بالتأتأة) وغيرها من مشاكل أخرى، نتيجة لمشاكل عدة في البيت، منها سوء المعاملة.
ونجد حتى الاخصائيين لم يطوروا من أنفسهم، وهذا شيء يحاسب عليه الإخصائي الاجتماعي.
نحن نحاول إقامة خطة تدريبية لتنشيط الاخصائيين ودورات في المهارات الحياتية، وفي مجال الحاسوب، ولدينا خطة تدريبية. واحتياجاتنا قدمت من سنة 2017م، إلى مركز تدريب المعلمين، ويقال لنا لا توجد ميزانية.
عندما تريدين تدريب حوالي 40.000 اخصائي اجتماعي في قطاع التعليم يعتبر هذا عدد كبير جداً ونحتاج لعمل ذلك إمكانيات وميزانية كبيرة. وبالتالي بقينا خلال الأربع سنوات نبحث عن جهة تتبنى هذه المشاريع، لتقام دورات للإخصائيين الاجتماعيين، بحيث ننسق معهم المواضيع المحدودة وليست الاستراتيجية، كل ذلك بكوادر من التعليم، للأسف لم ننجح في ذلك نتيجة لعدم وجود إمكانيات، وزد على ذلك ظهور جائحة كورونا.
الاخصائي الاجتماعي مثل الطبيب والممرض في المجال الصحي ومثل الجندي. الاخصائي الاجتماعي مشرف صحي بالنسبة للهيكلية الإدارية وهو الواجهة في أي مؤسسة.
أثرت على مستوى مشاريعنا أزمات الحرب أيضا، إضافة إلى المشاكل النفسية للتلاميذ.
- ما هو دور مكاتب الصحة المدرسية في الإهتمام بدورات المياه في المدارس وخصوصاً أن أغلبها غير صالحة للإستعمال؟
بالنسبة للبيئة المدرسية نحن دورنا التنسيق مع الجهات ذات العلاقة ومع هذا أخذنا دور ليس دورنا في فترة الجائحة. ذلك بعد صرف ميزانيات لإدارات المدارس من أجل الاهتمام بنظافة دورات المياه والصيانة السريعة وتوفير مواد التنظيف.
أيضا نحتاج ميزانية متخصصة للمدارس بحيث تكون الصيانة دورية. وضع دورات المياه بعد الجائحة أفضل فقد كانت أسوء بكثير حيث كان الطالب لا يستطيع قضاء حاجته فيها، ليضطر للعودة إلى البيت.
الآن عندما أدخل أي مدرسة أجد الوضع أفضل مما كانت عليه، زد على ذلك توفر الميزانية التي يتم صرفها وفق الاحتياجات.
- من العاصمة، إلى مصراته، إلى الجنوب، كل ليبيا تحظى بدائرة اهتمامك. لكن ماهي الدائرة الأكثر احتياج للخدمات من وجهة نظرك؟
نحن مقصرين جداً في الجنوب. المنطقة الشرقية ذهبنا لها مرتين، والمنطقة الغربية مدراء مكاتبنا في تواصل دائم معهم. فقط الجنوب لم نستطع الذهاب إليه فكانت خطة الإدارة هذه السنة زيارة للجنوب، اذا استمريت-إن شاء الله- في هذه الإدارة.
“من حقي أن أرى من بعيد”، مشروع للطفل تحول إلى واقع، هل هناك مشاريع مماثلة، تدخل البهجة إلى بلادنا التي أنهكتها الحروب والدمار؟
بالنسبة لهذا المشروع فهو مشروع رائع جداً، أشرفت عليه شركة بصريات طرابلس، من قبل أن تتأسس الإدارة ونحن الآن لنا ثلاثة سنوات نعمل معاً، وقد أقيمت مؤخراً احتفالية 23 سنة لتأسيس الشركة، فمن الضروري تكملة هذا المشروع الذي توقف بسبب الجائحة. لان هذا المشروع من مهامه توفير كشف لتلاميذ المدارس وتوفير نظارة مجانية، بحيث يسلم (كبون) لولي الأمر ليذهب به التلميذ لأي فرع من فروع الشركة ليستلم نظارة ويحق للتلميذ أن يختار النظارة التي تناسبه. هذه من المشاريع التي نحيي عليها شركة بصريات طرابلس، ونتمنى من القطاع الخاص أن يشتغل بآلية هذه الشركة وسنكون رافد للقطاع الخاص بمثل هذا المشروع الذي يعتبر من المشاريع الرائدة جداً.
وكإدارة سنعمل على تكملته ونتمنى أن ينفذ هذا المشروع في المناطق الأخرى ونتمنى ايضاً أن يطبق في مدينة ترهونة مثلاً، فأطفال ترهونة يعانون من عدة مشاكل نفسية نتيجة الحرب. نفكر أن نعمل في المرحلة القادمة على مدينة ترهونة.
في الفترة الأخيرة زادت حالات العنف ضد المرأة، وقضايا أخرى مسكوت عنها، تقع تحتها خطوط الحمراء ولكن لا نجد الا الشعارات فقط، لا توجد خطة حقيقية على أرض الواقع. ما هي الحلول الحقيقية والجدرية من وجهة نظرك؟
العنف ضد المرأة.
نحن النساء نعنف بعضنا البعض، فالمرأة الناجحة دائماً محاربة من قبل نفس جنسها من النساء، انا دائماً اقول من الشخصيات الداعمين لي من الرجال، اكثر من النساء، فغالباً تجد المرأة الناجحة تحارب من بنات جنسها فقط، يوجد بعض النساء النجاحات تدعم السيدة الناجحة. بالرغم انني في الإدارة أدعم العنصر النسائي كثيراً، ودائما نحاول صنع قادة من النساء واتمنى أن يكون لنا كم سيدة أفضل من فوزية بن غشير.
ولكن في المطلق العام العنف الممارس من المرأة ضد المرأة أكثر شيوعاً، نتمنى أن تتغير هذه النظرة ونتمنى أن تساند المرأة، المرأة الناجحة حتى ولو حاربها العالم اجمع تظل ناجحة ولها خط تسير عليها، فبعض السيدات ترفع لهم القبة حيث كان لهم دور مميز ورائع ومازالوا مؤثرين، وهنالك بعض السيدات لا تتحمل الفشل.
نحن في ظروف نفسية صعبة، وكل الليبيين مازالوا يعانون من فترة ما بعد الحرب. وكل شخص لم يعد يحتمل الأخر حتى في البيت الواحد. ونرى ارتفاع نسبة الطلاق مؤخراً، هذا كله نتيجة تراكمات واقعنا الصعب.
- من سنة 2006 الى سنة 2013 انتقلتِ لبرنامج الصحة المدرسية، وكانت البصمة واضحة ولازالت، ماهي اساسيات النجاح لديك؟
أساسيات النجاح لدى التحدي، والمبادرة، وانا دائما في صفحتي اكتب (انا الفوز) وكلما أنجز شيء أشعر أنني حققت شيء افتخر به أمام نفسي. انجزنا الكثير في فترة الجائحة. وهذا تحدي كبير، ولكننا نعاني من مشكلة، هي أن المسؤول لا يعرف قيمة ما نقدمه من أعمال. ولكل ما قدمته لا يتجاوز أربع سنوات في الوزارة. لم أخرج خلالها في أي مهمة سواء مع وفد أو مع الوزير أو وكيل الوزارة. أنا أعمل لأنني أحب العمل، ولكن يظل الحافز مهم ويعطي نقلة في الشخصية، وهذه من الأشياء التي نحتاجها، فممكن أن يقصى موظف بدون تقدير لعطائه في ليبيا.
ما مدى تأثير العمل على التزاماتك في بيتك؟
انا دائماً والحمد لله موفقة بين العمل والبيت. بناتي متزوجات ولدي احفاد. أنا إنسانة منظمة جداً، وعندما كنت اخصائية في مدرسة كنت موفقة بين عملي وبيتي.
كنت اخصائية اجتماعية في مدرسة لمدة 20 سنة وعملت في التفتيش التربوي ثلاث سنوات، وبعد ما تأسست اللجنة الشعبية العامة للتعليم تم ترشيحي لمكتب الخدمة الاجتماعية والصحة المدرسية، في إدارة النشاط المدرسي وبعدها وصلت إلى وظيفة (مدير الإدارة) بعد خبرة 39 سننة، تدرجت وظيفياً إلى أن وصلت لهذه الوظيفة، تكونت خلال هذه المراحل خبرة تراكمية، وأصبح لدي القدرة على القيادة، بالإضافة إلى انخراطي في الحركة الكشفية، مما ساعدني على تحقيق النجاح. أعشق عملي هذا جداً.
- كيف يتم إعداد الاخصائي الاجتماعي لمواجهة كافة هذه المعضلات؟
لقد مرت بنا ظروف كثيرة وجديدة علينا، ولا نعرف التعامل معها، ولكن ظروف الجائحة حاولنا أن نشتغل على الاخصائي الاجتماعي ومدراء مكاتبنا، فبعض الأخصائيات طورت نفسها لأنها أرادت التغيير، ومؤسساتنا التعليمية بها الكثير منهن نتيجة الأزمات التي نحن فيها، نتمنى من خلال مجلتكم أن يفسح للإخصائي المجال بحيث يستطيع أن ينطلق ويطور نفسه.
- بين المد والجزر لازالت الخطط التعليمية لطلبتنا، مجرد أماني ووعود واشاعات. هل توجد أرضية صلبة وحقيقية لعودة النشاط المدرسي وتحديداً نريد منك رسالة خاصة لأولياء الأمور؟
انا لا أريد أن أدخل في تفاصيل، ولكنني سأتحدث فيما يخص عملي في الإدارة والفريق الذي أعمل معه، فنحن نحاول تغطية أي عجز واي مشكلة تحدث في العملية التعليمية، ومنها المشاكل التي حدثت ما بعد الجائحة فقد كان للنشاط المدرسي دور كبير في تنمية المهارات. اليوم لم يعد يوجد أي نشاط مدرسي ونحن محتاجين لعودة النشاط المدرسي، ليس بالصورة التقليدية بالطبع.
المراهقات يأخذن حيز من حياتك وعلاقتك بهن كأم وليس كمسؤولة. هل هناك مشروع قادم خاص ومبتكر لهذه الفئة الحساسة؟
نحن أصدرنا كتاب مثل الدستور، والتغيرات التي تجري على هذه الفئة وكيف نتعامل معها ودور الأم والاخصائيين المسؤولين عن البرنامج، ولدينا إصدار آخر مع منظمة حول الزواج المُبكر ومشاكله ونعمل على هذا الكتاب منذ ثلاثة سنوات وإلى الآن لم يتم طباعته.
في هذا الكتاب ما يخص الفتاة من نظافتها، وواجبها الصحي. وهذا المشروع رائع جداً، كما وضعنا فيه بعض المواضيع الخاصة بالروحانيات، وبعض الأحاديث النبوية والآيات القرآنية، حتى نعزز ثقة الفتاة في نفسها ونهيئها لتكون أم في المستقبل، وهو جاهز الآن ويحتاج للطباعة فقط.
ـ ما هي آفاق التعاون بينكم وبين شركة اللمة ومنظمة النسيم بمدينة مصراته؟
عندما ذهبنا لاجتماع مع الشركة في مصراته وزيارة المنظمة النسيم الخاصة للدعم النفسي والاجتماعي كنا نريد أن نعمل سوياً، ولكن للأسف ذهبنا لمصراته وجدنا المسؤول يحاسبنا كأننا نحن ضمن هذه المنظمة العالمية، رغم أن دورنا يقتصر على تأطير العمل، ونحن نعرف ان هناك طفرة منظمات من المجتمع المدني، فهناك بعض المنظمات لا تستحق ان تدخل مؤسساتنا التعليمية وكتبنا مذكرة وحولت إلى الدكتور عثمان اصدر قرار يمنع دخول المنظمات إلا عن طريق الإدارة حتى تقنن عمل المنظمات وما يناسب طلابنا.